رواية الانعكاس بقلم سلمي نصار
بقولك مش بطيقك وهفُضها، دبلتك اللي مقيداني هرميهالك، وهتحرر منك انت كمان..
سمعتُه بيتكلم وهو شايلني ومكتفني بأيده بقوة وبنبرة واثقـة، مفيهاش جدال:
_ لو ناسية، اللي بينا مش دبلة ولا خطـوبة..
أنا جــوزك وانتي مراتي، افكـرك أن عـم مُرتضي كتب كتابك عليّا قبل ما يتوفي.. يعني انتي مسؤولة مني، وليّا كامل الحقوق عليكي وعلي أفعالك اللي هظبُطها من تاني.. يعني مش هتعرفي تتحرري مني !؟...
_ متلمسنيش، ابعد ايدك عني
_ سَبق وقولتلك أن جوزك ومن حقي اعمل اي حاجة..
نزلني اخيرًا لحد ما دخلنا اوضتي، فضل شايلني بالعافية في الشارع، وطلع بيّا شايلني قُدام مامـا وقرايبنا تحت دهشتهُم، وانا بعافر عشان اهرب منُه ومن تكتيفتُه ليّا..
بس هو مُصر ومُصمم بأصرار غريبّ، دخل اوضتي وسابني، قفل الباب ورا، بصتلُه بهياجّ وصر-خت فيه بعصبية، طريقة جديدة علي شخصيتي، مش هتختلف كتير عن اختلافي في كُل حاجة دلوقتي:
_ بأي حق؟ بأي حق تمنعني وتاخُدني غصب للبيت؟
قرب شوية عليَّا واتكلم بهدوء، محستوش هدوء دا قبل الانفجار:
_ بحق أن جوزك.
_ لأ.. لأ انت مش جوزي أنا مش عايزاك، مش مُعترفة بالجواز دا اساسًا.
قاطعني قَطع نافر وكأني متكلمتش، وبنفس هدوئُه:
_ اشرحيلي وجهة نظرك في التغيُر دا، وهحاول اسمعك ونلاقي حل للمُشكلة دي.
ضحِكت بسُخرية، وانا برفع كتفي بـ بالامُبالاه:
_ فين المُشكلة دي؟ دا إنجاز.
_ ايه الانجاز؟ اللبس المُلفت المكشوف؟ ولا شعرك وهو باين قُدام الشباب كُلها في الشارع من شوية،
بعد ما كُنتي مُنتقبة مُلتزمة، بقيتي مُتبرجة يا يـثربّ.
جزيت علي سناني بغيظ، وزقيتُه عشان اخُرج بس هو مرجعش فِضل واقف:
_ ميخُصكش، هتعمل زيُه؟ ملكش دعوة يا اخي.
انا من هِنا ورايح هفضل كِدا، وهتتعودو علي كِدا.
حَط ايُده علي كتفي بعد ما مسح علي وشُه واستغفر:
_ استَهدي بالله، دي اكيد وخزة شيطان وانتـ...
بعدت ايُده بعُن-ف وكأني كارهة لمستُه:
_ متلمسنيش، ابعد ايدك عني.
_ سبق وقولتلك انِ جوزك ومن حقي اعمل اي حاجة، من حقي اهديكِ للطريق الصـح، ومن حقي ارجعك عن أفعالك المجنونة اللي في ساعة شيطان.
_ أيوة انت اهو زيـُه بالظبط اهو ! تعملوا نفسكوا ملايكة وتتكلموا بصيغة الدين، وانتوا اسوأ من الش-يطان نفسُه.
اتنهد:
_ أنا مِش زي حد يا يثربّ، أنا عارف ان مُعاملة والدك كانت صعبة معاكي، بس معرفش لأي مَدي أنها توصلك لـ كِدا، ومريم رفضت تحكيلي حاجة بخصوص علاقتكم سوي، بس انا عاوزك تهدي وانا معاكِ هتعدي المِحنة اللي وصلتك أن تتصرفي من غير ما تحسيّ، وهترجعي لنَفسك، هترجعي يـثربّ تاني..
بصتلـُه ونفيت بعُ-نف:
_ متحُطش نفسك في جُملة واحدة معايا، انت عُمرك ما كُنت اختيـاري.
حسيت بـ غِصتُه ونظراتُه اختلفت، مش للوجع بس، دا برغم كُل عصبيتُه وحزُنه، بيتكلم بهدوء وكمان بيناقشني بهدوء، هو طَبعه الهدوء، ويوم ما يتعصب ويزعق اعرف انك خرجت اخر ما عندُه من صبر، في حال اي راجل تاني كان ممُكن يقتلني فيها لما شافني كدا، ودلوقتي بيبُصلي بكُل الحنية والدفئ اللي في الدُنيا:
_ بس انتي كُنتي اختيـاري يا يـثربّ.
خـلل صوابعـُه في خُصلات الشعري، اللي بالنسبالُه، اول مرة يشوفها، برغم كتب كتابنا كُنت برفض أشيل النقاب حتي قُدامه:
_ وانا واثق من اختيـاري، ومش هـلومك وازعق واعمل اي حاجة من دول، في سبب اكيد، أنا هتعامل مع مُشكلتك بكُل رِفق، لـحد ما نعديها سوي وترجعيلي تاني، بس سامحيني، غصبًا عني مش هشوفك نازلة بمنظرك تاني الشارع، مش هستحمل ومش هقدر امسك اعصابي واهدأ اكتر، هتفضلي في اوضتك ومُفتاحها هيبقي مع والدتك، والحمام موجود عندك في الاوضة اصلًا، وانا عند وعدي هساعدك تتخطي..
برقت بدهشة:
_ انت هتحبسني؟
_ خُديها بمَعني تاني، اعتبريها هُدنة وراجعي نفسك بهدوء.
اتنفست بعصبية وانا بشوفه بيسحب مُفتاح الاوضة، وناوي يخُرج، جريت بسُرعة عشان اخُرج بس منعني بأيدُه وخرج وقفلُه وراه في ثوانٍ، فِضلت اخبط وارزع علي الباب وانا بصرخ فيه بغضب:
_ افتحلي يا فـارس، متفتكرش انك هتحبسني، مفيش حاجة هتوقفني تاني علي فكرة!.
سمِعت صوتُه من ورا الباب:
_ لـ مصلحتك يا يـثربّ صدقيني لازم احميكي من نَفسك.
فِضلت لـ دقايق اخبط من غير رد، حتي مامـا قالتلي انُه نبهه عليها متفتحليش، بالعكس مأيداه جدًا