رواية الانعكاس بقلم سلمي نصار
_ يثـربّ؟
ابتسمت بفرحة:
_ مبسوطة انك ممسحتيش رقمي يا دهـب
_ رغم اخر موقف ما بينا معرفتش امسحُه، عاملة ايه؟
_ أنا الحمدلله، عايزة اشوفك انهاردة.
_ دا بجـد؟ وباباكي ممُكن يعرف ويعمل مشكلة لينا زي المـ...
قاطعتها وانا بتنهد وكأن جبل انزاح:
_ مـات
حسيت بدهشتها من الموبايل:
_ فعلًا؟ البقاء لله، خلاص مش لازم نُخرج بقا ونتقابل عندك في البيت.
_ لا مفيش الكلام دا، بُصي أنا عايزاكي تخرجيني خروجة من خروجات زمان؟
_ خروجاتنا؟ انتي مُتاكدة؟ عُمرك يعني ما رضيتِ تُخرجي معانا؟
_ كُل دا انتهي يا دهـب أنا بقا ياستي كُلي ليكي، عايزة اخُرج واتفسح وأشوف الدُنيا اللي معرفش عنها حاجة !.
بحماس:
اشطا اوي أيوة كدا فُكي عُقد، وانا هكلم الشِلة بتاعتي وهظبطك احلا تظبيط.
ابتسمت بسعادة:
_ تمام أنا في الطريق، ابعتلي اللوكيشن اللي هتتجمعوا فيه.
قفلت معاها، ودي تاني حاجه هعملها كُل اللي كان ممنوع، هخليه مسموح بِه، هعيش لنفسي ولـ رغباتي مش رغباتُه..
كُنت خلصت الشارع وهعدي الطريق عشان اركب.. طلبت اوبر، مش هركب مواصلات توكتوك وانا بالبس دا، تحت نظرات الكُل.. وانا واقفة مستنية الاوبر.. لمحتـُه هالة كبيرة تُكاد تخفيني فيه من طولُه وهيئتُه اللي مش قُليلة، وقف قُصادي، مش هكدب واقول أن محسيتش بالتوتر لما شوفتُه، وخمنت رد فعلـُه..
وفعلًا شوفت نظراتُه اللي اتكلمت، عمري ما شوفت النظرات دي في عيون "فارس" في خلال مقُابلتنا اللي تكُاد تكون معدومة بوجود بابا، بس عارفة نظراتُه، دي مُختلفة..
صـد-مة و.. قهرة و.. وحُزن و.. وغضب مُهلك و.. وغيرة
كُنت هتكلم واحاول إبان قُصاده غير مُهتمة وأكمل مشواري، بس فاجئني وسمرني مكاني لما لاقيته قرب عليّا بجنون، كـ حركة تلقائية مُعتادة حطيت ايدي علي وشي بف-زع كحماية بقيت متعودة عليها، وهو قـلع الجاكت الاسود بتاعُه وبسُرعة بيلفُه عليّا، حوالين شعري ورقبتي المكشوفة، بيخفي الجُزء اللي ظاهر مني كويس، بس الجيبة كانت قُصيرة لمحها، بنظرة سريعة رفع راسُه وبصلي بنظرات كُلها غضب ولوم وحسرة، حسيتُه تايه مش عارف يعمل ايه تاني وهو حاض-ني بالجاكت يخبيني في حُض-نُه ومش عارف يسترني ازاي تاني في الشارع...
بَص حواليه وانا حاسه بصوت انفاسُه السخنة من الغضب، وكأن بركان هينفجر، وانا لسه في حُض-نه مكتفني بالجاكت، بيجبرني اتحرك للشارع تاني وهو بيهم-سلي بصوت متحشرج غاضب:
_ امشي معايـا علي البيت.
رجلي لاقيتها ماشية لوحدها تحت اجبارُه، بس لأ..
تملصت بعُن-ف من حُض-نه، زقيته.. رجع خطوة لـ ورا
وسيبت الجاكت يُقع من علي كتفي علي الارض..
وبصتلُه بغضب:
_ انت متمسكنيش كدا، ملكش دعوه بيّا.
قرب ووطي، خد الجاكت ناوي يحُطه تاني عليّا،
دفعت ايُده رافضة التُصرف دا:
_ قولتلك ملكش دعوه بيّا، أنا مبسوطة كدا.
همس في نفسُه، حسيتُه بيستغفر عشان ميفقدش اعصابُه عليّا:
_ يثـربّ يلا علي البيت، الناس بتشوفك كدا !
يلا هنتكلم فوق مش في الشارع.
_ مليش كلام معاك اساسًا، ولا في البيت ولا الشارع،
وعشان تبقي عارف أنا هفُضها قُريب عشان تبطل الدور اللي انت عايش فيه دا.
_ انتي مين ؟ انتي يثـربّ؟ اللي بحبها؟ المُلتزمة؟
دا لِبسك؟ دا اسلوبك؟ مريـم لما كلمتني مصدقتش!
بس قولت اجي اشوفك واسمعك ومحكُمش من كلامها، ولما جيت.. ؟! لما جيت لاقيت واحدة تانية،
مبسوطة بشكلك المكشوف؟ مبسوطة من بصاتهُم ليـــكي؟؟
زعق مع اخر جُملة وهو بيشاور علي ورشة ميكانيكا جمبنا، اتنفضت كعادة معايا في الصوت العالي،
والحقيقة أنا أول مرة "فارس" يزعقلي في الشارع اول مرة يزعق أصلًا من يوم ما اتخـطبنا.. كُنت ناوية اعند وازعق أنا كمان طالما هو بدأها.. وكُنت همشي بعدها واتجاهلُه..
بس مدانيش فُرصة، كتفني بأحكام اشـّد من الاول ؤ وتفاجاءت بيه شالنـي.. ومشي بيّا راجع للبيت..
فضلت اتشنج وهو شايلني واصُ-رخ بيغيظ وصوت لفت انتباه الحارة كُلها:
_ سيبني يا اخي، انت مبتحسش؟